من هما هاروت وماروت ؟؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
من هما هاروت وماروت ؟؟
السلام عليكم
قال تعالى
(وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) البقرة 96
يرى الإمام الطبري أنّهما ملكان أنزلا إلى الأرض بعد حوار جرى حول ارتكاب بني آدم للمعاصي --إذ تعجبت الملائكة من ارتكاب ابن آدم للمعصية --فخلق الله فيهما شهوات ابن آدم وأنزلهما إلى الأرض ليريا بأنفسهما بأنّهما سيرتكبان المعاصي --وبالفعل ارتكبا معصية عوقبا على أثرها بأن ظلّا معلقين في منطقة ما من الأرض من أرجلهما--
(قال أبو جعفر : فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي أنـزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت. وهما ملكان من ملائكة الله, ---)
ثمّ أخذ برد الأقوال المحتملة التي قد تعارض قوله فقال "
(إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينـزل الله السحر, أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟
قلنا له: إن الله عز وجل قد أنـزل الخير والشر كله, وبين جميع ذلك لعباده, فأوحاه إلى رسله، وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم. وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفهموها، ونهاهم عن ركوبها. فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها، ونهاهم عن العمل بها.
وليس في العلم بالسحر إثم, كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب. وإنما الإثم في عمله وتسويته . وكذلك لا إثم في العلم بالسحر, وإنما الإثم في العمل به، وأن يضر به، من لا يحل ضره به.
فليس في إنـزال الله إياه على الملكين، ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس، إثم، إذ كان تعليمهما من علماه ذلك، بإذن الله لهما بتعليمه، بعد أن يخبراه بأنهما فتنة، وينهياه عن السحر والعمل به والكفر.
وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به, إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به.
ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك, لم يكن من تعلمه حرجا, كما لم يكونا حرجين لعلمهما به. إذ كان علمهما بذلك عن تنـزيل الله إليهما. )
والحقيقة في النّفس شيء متعلق بردّه السّابق فالملائكة رسل لا يجوز لها أن تعلّم الناس ما هم منهيّون عن عمله وممارسته--
وأردف من حيث التركيب اللغوي قائلا
(: والصواب من القول في ذلك عندي، قول من وجه « ما » التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) إلى معنى « الذي » ، دون معنى « ما » التي هي بمعنى الجحد. وإنما اخترت ذلك، من أجل أن « ما » إن وجهت إلى معنى الجحد, تنفي عن « الملكين » أن يكونا منـزلا إليهما، ولم يخل الاسمان اللذان بعدهما - أعني « هاروت وماروت » - من أن يكونا بدلا منهما وترجمة عنهما أو بدلا من النَّاسَ في قوله: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، وترجمة عنهما. فإن جعلا بدلا من « الملكين » وترجمة عنهما، بطل معنى قوله: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ . لأنهما إذا لم يكونا عالمين بما يفرق به بين المرء وزوجه, فما الذي يتعلم منهما من يفرق بين المرء وزوجه؟ )
ثمّ ردّ قول ابن عبّاس رضي الله عنهما والذي اعتبر فيه ما للجحد --قال ابن عبّاس
(قوله: ( وما أنـزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ) فإنه يقول: لم ينـزل الله السحر.)
قال الطبري
(وبعد, فإن « ما » التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) ، إن كانت في معنى الجحد عطفا على قوله: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ، فإن الله جل ثناؤه نفى بقوله: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ، عن سليمان أن يكون السحر من عمله أو من علمه أو تعليمه. فإن كان الذي نفى عن الملكين من ذلك نظير الذي نفى عن سليمان منه - وهاروت وماروت هما الملكان - فمن المتعلَّم منه إذًا ما يفرق به بين المرء وزوجه؟ وعمن الخبر الذي أخبر عنه بقوله: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ؟ إن خطأ هذا القول لواضح بين.
وإن كان قوله « هاروت وماروت » ترجمة عن « الناس » الذين في قوله: وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، فقد وجب أن تكون الشياطين هي التي تعلم هاروت وماروت السحر, وتكون السحرة إنما تعلمت السحر من هاروت وماروت عن تعليم الشياطين إياهما. فإن يكن ذلك كذلك, فلن يخلو « هاروت وماروت » - عند قائل هذه المقالة - من أحد أمرين:
إما أن يكونا ملكين, فإن كانا عنده ملكين، فقد أوجب لهما من الكفر بالله والمعصية له بنسبته إياهما إلى أنهما يتعلمان من الشياطين السحر ويعلمانه الناس, وإصرارهما على ذلك ومقامهما عليه - أعظم مما ذكر عنهما أنهما أتياه من المعصية التي استحقا عليها العقاب. وفي خبر الله عز وجل عنهما - أنهما لا يعلمان أحدا ما يتعلم منهما حتى يقولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على خطأ هذا القول.
أو أن يكونا رجلين من بني آدم. فإن يكن ذلك كذلك، فقد كان يجب أن يكونا بهلاكهما قد ارتفع السحر والعلم به والعمل - من بني آدم. لأنه إذا كان علم ذلك من قبلهما يؤخذ ومنهما يتعلم, فالواجب أن يكون بهلاكهما وعدم وجودهما، عدم السبيل إلى الوصول إلى المعنى الذي كان لا يوصل إليه إلا بهما. وفي وجود السحر في كل زمان ووقت، أبين الدلالة على فساد هذا القول.
وقد يزعم قائل ذلك أنهما رجلان من بني آدم, لم يعدما من الأرض منذ خلقت, ولا يعدمان بعد ما وجد السحر في الناس، فيدعي ما لا يخفى بُطوله.
فإذْ فسدت هذه الوجوه التي دللنا على فسادها, فبَيِّنٌ أن معنى ( ما ) التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) بمعنى « الذي » , وأن « هاروت وماروت » ، مترجم بهما عن الملكين، ولذلك فتحت أواخر أسمائهما, لأنهما في موضع خفض على الرد على « الملكين » . ولكنهما لما كانا لا يجران، فتحت أواخر أسمائهما. )
وانظروا كيف زادت الحدّة هنا إذ قال
(فإن التبس على ذي غباء ما قلنا فقال: وكيف يجوز لملائكة الله أن تعلم الناس التفريق بين المرء وزوجه؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله تبارك وتعالى إنـزال ذلك على الملائكة؟
قيل له: إن الله جل ثناؤه عرف عباده جميع ما أمرهم به وجميع ما نهاهم عنه, ثم أمرهم ونهاهم بعد العلم منهم بما يؤمرون به وينهون عنه. ولو كان الأمر على غير ذلك, لما كان للأمر والنهي معنى مفهوم. فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه, فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علمه الملكين اللذين سماهما في تنـزيله، وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم - كما أخبر عنهما أنهما يقولان لمن يتعلم ذلك منهما: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ - ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه، وعن السحر, فيمحص المؤمن بتركه التعلم منهما, ويخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما. ويكون الملكان في تعليمهما من علما ذلك - لله مطيعين, إذْ كانا عن إذن الله لهما بتعليم ذلك من علماه يعلمان. وقد عبد من دون الله جماعة من أولياء الله, فلم يكن ذلك لهم ضائرا، إذ لم يكن ذلك بأمرهم إياهم به, بل عبد بعضهم والمعبود عنه ناه. فكذلك الملكان، غير ضائرهما سحر من سحر ممن تعلم ذلك منهما، بعد نهيهما إياه عنه، وعظتهما له بقولهما: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ، إذ كانا قد أديا ما أمر به بقيلهما ذلك، )
قال تعالى
(وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) البقرة 96
يرى الإمام الطبري أنّهما ملكان أنزلا إلى الأرض بعد حوار جرى حول ارتكاب بني آدم للمعاصي --إذ تعجبت الملائكة من ارتكاب ابن آدم للمعصية --فخلق الله فيهما شهوات ابن آدم وأنزلهما إلى الأرض ليريا بأنفسهما بأنّهما سيرتكبان المعاصي --وبالفعل ارتكبا معصية عوقبا على أثرها بأن ظلّا معلقين في منطقة ما من الأرض من أرجلهما--
(قال أبو جعفر : فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي أنـزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت. وهما ملكان من ملائكة الله, ---)
ثمّ أخذ برد الأقوال المحتملة التي قد تعارض قوله فقال "
(إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينـزل الله السحر, أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟
قلنا له: إن الله عز وجل قد أنـزل الخير والشر كله, وبين جميع ذلك لعباده, فأوحاه إلى رسله، وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم. وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفهموها، ونهاهم عن ركوبها. فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها، ونهاهم عن العمل بها.
وليس في العلم بالسحر إثم, كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب. وإنما الإثم في عمله وتسويته . وكذلك لا إثم في العلم بالسحر, وإنما الإثم في العمل به، وأن يضر به، من لا يحل ضره به.
فليس في إنـزال الله إياه على الملكين، ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس، إثم، إذ كان تعليمهما من علماه ذلك، بإذن الله لهما بتعليمه، بعد أن يخبراه بأنهما فتنة، وينهياه عن السحر والعمل به والكفر.
وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به, إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به.
ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك, لم يكن من تعلمه حرجا, كما لم يكونا حرجين لعلمهما به. إذ كان علمهما بذلك عن تنـزيل الله إليهما. )
والحقيقة في النّفس شيء متعلق بردّه السّابق فالملائكة رسل لا يجوز لها أن تعلّم الناس ما هم منهيّون عن عمله وممارسته--
وأردف من حيث التركيب اللغوي قائلا
(: والصواب من القول في ذلك عندي، قول من وجه « ما » التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) إلى معنى « الذي » ، دون معنى « ما » التي هي بمعنى الجحد. وإنما اخترت ذلك، من أجل أن « ما » إن وجهت إلى معنى الجحد, تنفي عن « الملكين » أن يكونا منـزلا إليهما، ولم يخل الاسمان اللذان بعدهما - أعني « هاروت وماروت » - من أن يكونا بدلا منهما وترجمة عنهما أو بدلا من النَّاسَ في قوله: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، وترجمة عنهما. فإن جعلا بدلا من « الملكين » وترجمة عنهما، بطل معنى قوله: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ . لأنهما إذا لم يكونا عالمين بما يفرق به بين المرء وزوجه, فما الذي يتعلم منهما من يفرق بين المرء وزوجه؟ )
ثمّ ردّ قول ابن عبّاس رضي الله عنهما والذي اعتبر فيه ما للجحد --قال ابن عبّاس
(قوله: ( وما أنـزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ) فإنه يقول: لم ينـزل الله السحر.)
قال الطبري
(وبعد, فإن « ما » التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) ، إن كانت في معنى الجحد عطفا على قوله: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ، فإن الله جل ثناؤه نفى بقوله: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ، عن سليمان أن يكون السحر من عمله أو من علمه أو تعليمه. فإن كان الذي نفى عن الملكين من ذلك نظير الذي نفى عن سليمان منه - وهاروت وماروت هما الملكان - فمن المتعلَّم منه إذًا ما يفرق به بين المرء وزوجه؟ وعمن الخبر الذي أخبر عنه بقوله: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ؟ إن خطأ هذا القول لواضح بين.
وإن كان قوله « هاروت وماروت » ترجمة عن « الناس » الذين في قوله: وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، فقد وجب أن تكون الشياطين هي التي تعلم هاروت وماروت السحر, وتكون السحرة إنما تعلمت السحر من هاروت وماروت عن تعليم الشياطين إياهما. فإن يكن ذلك كذلك, فلن يخلو « هاروت وماروت » - عند قائل هذه المقالة - من أحد أمرين:
إما أن يكونا ملكين, فإن كانا عنده ملكين، فقد أوجب لهما من الكفر بالله والمعصية له بنسبته إياهما إلى أنهما يتعلمان من الشياطين السحر ويعلمانه الناس, وإصرارهما على ذلك ومقامهما عليه - أعظم مما ذكر عنهما أنهما أتياه من المعصية التي استحقا عليها العقاب. وفي خبر الله عز وجل عنهما - أنهما لا يعلمان أحدا ما يتعلم منهما حتى يقولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على خطأ هذا القول.
أو أن يكونا رجلين من بني آدم. فإن يكن ذلك كذلك، فقد كان يجب أن يكونا بهلاكهما قد ارتفع السحر والعلم به والعمل - من بني آدم. لأنه إذا كان علم ذلك من قبلهما يؤخذ ومنهما يتعلم, فالواجب أن يكون بهلاكهما وعدم وجودهما، عدم السبيل إلى الوصول إلى المعنى الذي كان لا يوصل إليه إلا بهما. وفي وجود السحر في كل زمان ووقت، أبين الدلالة على فساد هذا القول.
وقد يزعم قائل ذلك أنهما رجلان من بني آدم, لم يعدما من الأرض منذ خلقت, ولا يعدمان بعد ما وجد السحر في الناس، فيدعي ما لا يخفى بُطوله.
فإذْ فسدت هذه الوجوه التي دللنا على فسادها, فبَيِّنٌ أن معنى ( ما ) التي في قوله: ( وما أنـزل على الملكين ) بمعنى « الذي » , وأن « هاروت وماروت » ، مترجم بهما عن الملكين، ولذلك فتحت أواخر أسمائهما, لأنهما في موضع خفض على الرد على « الملكين » . ولكنهما لما كانا لا يجران، فتحت أواخر أسمائهما. )
وانظروا كيف زادت الحدّة هنا إذ قال
(فإن التبس على ذي غباء ما قلنا فقال: وكيف يجوز لملائكة الله أن تعلم الناس التفريق بين المرء وزوجه؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله تبارك وتعالى إنـزال ذلك على الملائكة؟
قيل له: إن الله جل ثناؤه عرف عباده جميع ما أمرهم به وجميع ما نهاهم عنه, ثم أمرهم ونهاهم بعد العلم منهم بما يؤمرون به وينهون عنه. ولو كان الأمر على غير ذلك, لما كان للأمر والنهي معنى مفهوم. فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه, فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علمه الملكين اللذين سماهما في تنـزيله، وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم - كما أخبر عنهما أنهما يقولان لمن يتعلم ذلك منهما: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ - ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه، وعن السحر, فيمحص المؤمن بتركه التعلم منهما, ويخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما. ويكون الملكان في تعليمهما من علما ذلك - لله مطيعين, إذْ كانا عن إذن الله لهما بتعليم ذلك من علماه يعلمان. وقد عبد من دون الله جماعة من أولياء الله, فلم يكن ذلك لهم ضائرا، إذ لم يكن ذلك بأمرهم إياهم به, بل عبد بعضهم والمعبود عنه ناه. فكذلك الملكان، غير ضائرهما سحر من سحر ممن تعلم ذلك منهما، بعد نهيهما إياه عنه، وعظتهما له بقولهما: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ، إذ كانا قد أديا ما أمر به بقيلهما ذلك، )
green boys- عدد الرسائل : 7
اعلام الدول :
المزاج :
المهنة :
الهواية :
الأوسمة :
تاريخ التسجيل : 16/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى